Monday 1 August 2011

تمرية


كنت مترددة في البداية حينما قررت السفر إلى مدينة نابلس في فلسطين الحبيبة، تلك المدينة التي تحمل بين شوارعها ومبانيها ذكريات طفولتي الجميلة أيام ما كنت أنزل مع العائلة لقضاء عطلة الصيف..... وضعت ترددي داخل حقيبتي متجهة إلى الأراضي المحتلة غير مكترثة بما يقال عنها من أنها مدينة لا يوجد شيء فيها للتسلية, وغير مؤهلة لتضييع الإجازة الصيفية فيها!! 
العبور عبر الحدود الفلسطينية الأردنية هي أصعب مرحلة لما يتمتع المسافر فيها من المشقة ويتسلى مع الذباب... أضف إلى ذلك بعضاً من الذل والجو الحار والفوضىتفتش حقائبك مئة مرة وتركب العديد من الباصات، لكني بفضل الله اشتريت راحني بالتعامل مع سيارات النقل VIP والتي توصلك مباشرة إلى الحدود الفلسطينية التي يتحكم فيها اليهود في الضفة الغربية. بعد انتهائي من كل هذه المعاملات ركبت الباص معتقدة أنني في طريقي إلى نابلس ! وإذ بي أصدم بحدود جديدة في أريحا للسلطة الفلسطينية، والتي إلى الآن لم أفهم سبب  تواجدها!!!! لم يختم على أي ورقة .. ولكن تنزل من الباص تفتش حقائبك ومن ثم تركب سيارة تاكسي لتأخذك إلى نابلس
كانت الطريق جبلية ترى المستوطنات اليهودية قابعة في أعالي الجبال تراقب وتترقب، انتابني شعور بالغيظ والغضب مازال مستمراً حتى الآن.... 
وصلت إلى مدينتي الحبيبة بشوارعها الضيقة الجميلة وأبنيتها الحجرية البيضاء ،، الشوارع مكتظة بالسيارات والمشاة والكثير من عربات الفواكه والخضار، تستطيع رؤية المدينة بأسرها من قمة الجبل

منطقة رفيدية
منظر لنابلس بالكامل من الجبال 
نابلس في الليل 
الدوار وسط البلد في نابلس

وسط البلد نابلس


 وصلت إلى شارع فيصل عند جامع الحج معزوز وتصاعدت موجات من الذكريات عند هذا الشارع الجميل ... إنه شارع عادي كانت ذكرياتي له أنه شارع ضخم وكبير، كانت بالجهة الأخرى من الشارع توجد مدينة ألعاب كنا نقضي الوقت فيها، لكن طبعا الآن استبدلت بمباني ومحال تجاريةوصلت إلى بيتي الموجود في هذا الشارع، ذلك البيت الجميل المبني على الطراز القديم، ذا البوابة الحديدية الزرقاء والحجر الأبيض الذي حولته ريشة الزمن إلى الرمادي الباهت
كانو في استقبالي خالتي وخالي وعائلته القادمون من عمان لقضاء الإجازة الصيفية أيضاً، وكانت سفرة الفطور تنتظرني في المطبخ المصنوع من الخشب الأبيض العتيق والمطل على غابة صغيرة جميلة. الطعام في نابلس عالم آخر،، معظم المأكولات طبيعية،،. تشتهر نابلس بجبنتها البيضاء التي تستخدم في الكنافة النابلسية الشهيرة ، وخبزها الرائع الطري بالإضافة إلى الزعتر، البيض البلدي والمربى وخاصة مربى تدعى بالقراصية (تشبه التوت البري بطعمها)، معظم الناس في نابلس يحبون وجبة الفطور وتعتبر من الوجبات الدسمة، من أشهر أطباق الفطور عندهم قرص الثوم (عجة بيض مع الثوم ) حلاوه وزلابية (عبارة عن خبز على شكل فطير ومربى جزر أو يقطين) وطبعا طبقي المفضل التمرية وهي عبارة عن عجينة مقرمشة بداخلها سميد محلى يسمى بالبالوظة :) 

القراصية
القراصية تشبه الزيتون
تمرية
رجل يصنع التمرية والعوامة

عندما انتهيت من الفطور تمشيت بين أروقة البيت الطويلة التي تتخللها غرف النوم المصنوعة من الخشب القديم والأرضية المكسوة بالبلاط المزخرف بألوان جميلة قل ما تجد شبيه له في البناء الحديث، أسقف البيت مرتفعة جدا والشبابيك مصنوعة من الخشب، كنت أخاف من هذا البيت وأنا صغيرة وخاصة في الليل حيث أن البيت مطل على غابة صغيرة تحدث أصوات وخيالات على النافذة مما يثير الرعب في مخيلتي :) 




باب البيت من الداخل
مطل من الشرفة
غرفة الضيوف
خرفة جدتي
الدرج
باب البيت من الخارج
 قضيت ثمانية أيام في نابلس زرت فيها البلد القديمة التي تشبه في بنائها الحواري الشامية القديمة التي تتميز بالأزقة والأروقة الضيقة والبيوت الحجرية التي تفصل بينها أدراج طويلة والأبواب الخشبية المقوصة
يوجد سوق قديم يتميز بدكاكينه الصغيرة الملتصقة ببعضها والمليئة بالبضائع حيث تشكل لوحة فنية مليئة بالألوان الصارخة المفعمة بالحياة، ترى جميع أنواع المنتجات بالقرب من بعضها حيت تجد متجر الملابس ملاصق لبائع خضرة وفواكه وهذا الأخير ملاصق بدورة لبائع دواجن .... :) أصحاب هذه الدكاكين يعرضون مزايا بضاعتهم بصوت عال وبجمل تمتاز بالبساطة وخفة الظل. تشاهد أناساً بسيطين رسمت الحياة بقسوتها والإحتلال الصهيوني بظلمه على وجوههم علامات الحزن والتعب، وجه مبتسم وعيون حزينه... شعب محافظ معظم نسائه يرتدي الحجاب. شعب حافظ على اللهجة النابلسية القديمة. يتسم بالفضول الشديد يعرفون بعضهم البعض، تنتقل بينهم الأقاويل والشائعات بسرعة الرمح.... :) أطفالهم شباب وشبابهم رجال ورجالهم أبطال. مازال للعادات والتقاليد القديمة والأصيلة ثقل في نابلس، فالاحترام موجود، الجار يسأل على سابع جار، العائلة تجتمع على سفرة واحدة، الطفل في نابلس يعرف اصل وفصل جميع عائلته حتى البعيدون منهم :) شعب يتسم بالبساطة والمحبة ويحب التنزه وشمة الهواء رغم الظروف الاقتصادية الصعبة.
تفاجأ حينما تعلم أن التسوق في نابلس رائع، لديهم جميع المنتجات والماركات المواكبة للموضة ناهيك عن الجينزات والألبسة التركية الحديثة، حيث أن معظم السياح وسكان مناطق ٤٨ (داخل الأراضي المحتلة) يأتون للتسوق وأكل الكنافة النابلسية اللذيذة :) 

بوابة البلد القديمة
السوق في البلد القديمة (نابلس)

















 أدوات قديمة من العصر العثماني في مطحة موجودة في البلد القديمة


مكواه
مطحنة القمح

مسدس قديم
سرير طفل
لمبه على الزيت

ماكينة خياطة






حمام تركي
حمام تركي




 في المساء كنت أجتمع مع الأقارب والأصحاب خارج البيت، حيث تجد الكثير من الكافيهات الموجودة في أعالي الجبال المطلة على المدينة بأكملها مثل (سماء نابلس وحياة نابلس) بالإضافة إلى المطاعم الشهية الموجودة في منطقة تدعى رفيدية (غرب نابلس) حيث تجدها مكتظة بالناس في المساء، الجميع يدخن الشيشة (النرجيلة) ...... عنجد النوابلسة بحبو يشيشو :) 
أما بالنسبة للسهر فمعظم الشباب يذهبون إلى رامالله المشهورة بالبارات والكافيهات الجميلة . وحفلات الرقص والسهر أيضاً .... فهي لا تبعد إلا مسافة ساعة بالسيارة عن نابلس، تعتبر رامالله عاصمة السلطة الفلسطينية مدينة حديثة يتمركز فيها الاقتصاد لذلك ترى معظم الناس في نابلس يذهبون للعمل فيها ....  



كافيه سنوبار في رامالله

كافيه سنوبار في رامالله


 يحيط بنابلس عدد كبير من القرى والمخيمات المليئة بالمعالم الدينية القديمة مثل كنيسة بئر يعقوب اللتي زرتها في مخيم بلاطة 
بالقرب من نابلس، يوجد في هذه الكنيسة بئر مقدس قديم عميق جدا، يمكنك البحث عن قصة هذا البئر عبر الإنترنت . ذهبت أيضا إلى شلالات وينابع ماء بالقرب منها تدعى بوادي البادان ،،، لقد قضيت وقتاً جميلا بين الأشجار والمياه الباردة.

عصيرة حيث يصنع زيت الزيتون

كنيسة بئر يعقوب


كنيسة بئر يعقوب
وادي البادان

وادي البادان
طبعا هناك الكثير من المعالم السياحية والدينية لم استطع زيارتها لضيق الوقت أو لعدم السماح للفلسطينيين بدخولها
وأخيرا لقد قضيت وقتاً رائعا في فلسطين :) تلك البلد المليئة بالتاريخ والحضارة.


بعض السور لمعالم نابلس 


فندق فلسطين

قهوة الهموز

قهوة الهموز

قهوة الهموز

مكتبة البلدية

المدرسة الفاطمية

البلد القديمة

البلد القديمة
نابلس